أسباب صَلب السّيّد المسيح
الكتاب المقدّس يوضّح لنا أنّ هناك أكثر من سبب لصَلب السّيّد المسيح، هذه الأسباب هي:
السّبب الأوّل: ليُخلِّص الإنسان من الخطيّة
هذا هو السّبب الأساسي والقوي لنزول السّيّد المسيح من السّماء لكي يخلِّص الإنسان من خطيّة آدم.
وما هي خطيّة آدم؟
خلق الله السّماء والأرض وجعل من الأرض جنّة رائعة الجمال، لتليق بأفضل مخلوقاته وهو الإنسان، وخلق الله الإنسان مميَّزاً عن كلّ المخلوقات، وقال بعد خلق الإنسان أنّه حَسَنٌ جدّاً ..
خلق الإنسان على صورة الله، وجعله سيّداً على كلّ المخلوقات. سِفر التّكوين 1: 28
ووضع الله شرطاً وحيداً لكي يختبر طاعة آدم له "وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلًا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا. وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ". تكوين 9: 17
كانت هذه الوصيّة هي وصيّة الله الوحيدة لآدم ..
وبالرّغم من ذلك سقط الإنسان وسمع لصوت الحيّة (الشّيطان)، سقطت حوّاء ثم آدم في الخطيّة أي التّعدّي على وصايا الله، لقد انفصل الإنسان عن الله وأصبح ميّتاً روحيّاً ومحكوماً عليه بالهلاك الأبدي.
ونتيجةً لسقوط الإنسان في الخطيّة فَقَدَ سلطانه على الأرض، وأُخضِعَت الأرض للشّيطان، فانتشرت الخطيّة والفساد في كلّ أنحاء الأرض ..
أصبح المخلوق الذي خلقه الله ليكون سيّداً على الأرض ولكي يسبّح الله القدير، عبداً للشّيطان. ومُنقاداً منه.
ولكن لماذا لم يَصفح عن آدم؟ أليس الله رحيماً؟
عندما نتكلّم عن قضيّة الصّليب نجد أنّ هذا السّؤال يطرح نفسه.
ونحن لا نختلف على أنّ الله هو مصدر العدل ومصدر الرّحمة في الكون، هذا الإله العادل أصدر حكماً في تكوين 1: 17 "لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ».
كان موت الإنسان موتاً روحيّاً أي أنّه انفصل عن الله مصدر الحياة، وأصبح مصيره الأبدي هو الهلاك في الجحيم مع الشّيطان.
هناك حكم صدر من الله فكلمة الله غير قابلة للتّبديل أو التّغيير، قد يُغيّر الإنسان كلامه، ولكن الله مختلف عن الإنسان لأنّ الله كامل، وقد أصدر الحكم بموت الإنسان. ولذلك فكان يجب وجود طريقة أُخرى تُخلّص الإنسان من هذا الحكم بالموت. وكانت طريقة الله التي تدلّ على محبّته العظيمة، وعدله، ورحمته، هي الفداء.
ما هو الفداء؟
الفداء هو أن يقوم شخص بإعطاء شيء ما ليستردّ شيء ذا قيمة.
هل كان يمكن أن يقوم إنسان بعمليّة الفداء؟
جميع البشر سقطوا تحت الخطيّة فلم يكن هناك إنسان بارّ "الكلّ قد زاغوا معاً وفسدوا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد" مزمور 14: 3
فكلّ البشر في احتياج للفداء ولذلك كان من المستحيل أن يقوم شخص بهذا العمل لأنّه يجب أن يكون إنساناً بارّاً.
هل يمكن أن يقوم حيوان برفع الخطيّة عن الإنسان؟
لا يمكن لأن يفتدي الإنسان شيء أقلّ منه في القيمة فقيمة الإنسان أعلى من قيمة كلّ الحيوانات. ولذلك كانت المساواة بين الإنسان والحيوان شيء مستحيل.
ولماذا أمر الله موسى بتقديم ذبائح كتكفير عن الخطيّة؟
العهد القديم هو عهد الرّموز ولذلك فإنذ تقديم الذّبائح لم تكن لكي ترفع خطيّة الإنسان ولكنّها كانت رموز حتّى يستطيع الإنسان فهم معنى الفداء العظيم.
تكلّم الرّسول بولس عن الأمر بوضوح في رسالة العبرانيّين 8: 5 المكتوبة لليهود ويقول: "الذين يخدمون شبه السّماويّات وظلّها كما أوحي إلى موسى وهو مزمع أن يصنع المسكن". لأنّه قال انظر أن تصنع كلّ شيء حسب المثال الذي أُظهِر لك في الجبل.
فقد كان العهد القديم عبارة عن تمهيد لإعلان فداء السّيّد المسيح في العهد الجديد.
ألم تكن أعمالنا الصّالحة كفيلة بأن تُكفّر (تغطّي أو تمحو) خطايانا؟ أي أنّه يمكن أن نصنع حَسَنات تُذهِب السّيّئات التي ارتكبناها؟
كلّ أعمال بِرَّنا بالية ليست قادرة على أن تقرّبنا إلى الله، يقول النّبي إشعياء " وَقَدْ صِرْنَا كُلُّنَا كَنَجِسٍ، وَكَثَوْبِ عِدَّةٍ (نجس) كُلُّ أَعْمَالِ بِرِّنَا..."
كلّ أعمالنا كانت كمن يحاول أن يقفز لكي يمسك السّماء بيدَيه، فأعمالنا كلّها غير قادرة لأن تَصِلنا إلى الله. فبِرَّنا لا يساوي شيء بالنّسبة لبِرّ الله القدّوس. طبيعتنا الشّرّيرة تُنتِج الخطيّة وحتّى لو عملنا الكثير من الأعمال الصّالحة فالخطيّة تملأ جنبات قلوبنا ..
السّبب الثّاني : لكي ينقض أعمال إبليس
"..لأجل هذا أُظهِر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس". رسالة يوحنّا الأولى 3: 8
أتى السّيّد المسيح ليَنقض أعمال إبليس وكلمة ينقض هي فعل مضارع مستمرّ أي أنّه من ساعة ظهوره وصلبه وقيامته وحتّى هذه اللحظة التي تقرأ فيها هذه الكلمات فإنّه ينقض أعمال إبليس في حياة كلّ من يلجأ إليه، فإذا كانت هناك أعمال للشّيطان في حياتك، هذه الأعمال قد تكون خطيّة، مشاكل أو أتعاب، عادة سيّئة، حزن..إلخ. أتى السّيّد المسيح لينقضها ويحرّرك منها ..
حاول الشّيطان على مدار التّاريخ أن يُنكر حقيقة صليب المسيح وقيامته بكلّ الطُّرُق لكي يجعل الإنسان بعيدًا عن الفداء، وغير مدرك لمحبّة الله العظيمة.
تخيّل أنّه أخلى نفسه وتجسّد في هيئة إنسان وذهب إلى الصّليب طواعية، وقام من بين الأموات، كلّ هذا من أجل محبّته لك، وتأكّد أنّه إذا أغمضتَ عينك الآن وتكلّمت معه بصدق فإنّه موجود ويسمعك، وإذا طلبته سيستجيب لطلبك ..
إذا كان لديك أيّ تساؤلات، أو تحتاج للمساعدة، فيمكنك أن تتواصل معنا (من هنا)