خلق الله الإنسان على صورته ومثاله كما يعلن لنا الكتاب المقدّس، وقد ميّزه عن سائر مخلوقاته وأحبّه وسلّطه على سائر خلقه جاعلاً إيّاه أعلى وأرفع شأناً منها.
لكنّ الإنسان أساء التّصرّف فوقع في شرك إبليس وتمرّد على وصايا الله، الأمر الذي جعله يبتعد عنه ويُحزن قلبه ويجلب على نفسه عقاباً شديداً، لكنْ لأنّ الله محبّة وهو رحيم وكثير الرّأفة والعطف، لم يترك بني آدم من دون رجاء، بل صنع لهم خلاصاً به يُعيدون وصل ما انفصل وجبر ما انكسر وينالون نعمة البنوّة، كيف ذلك؟ تابع صديقي القارئ بقيّة المقالة.
جميع البشر هم خليقة الله، أمّا لكي يصير الإنسان "ابناً لله" فهناك شرطان أساسيّان ينبغي توفّرهما في طالب البنوّة، وهما التّوبة الصّادقة والإيمان الصّحيح بالمسيح.
* التّوبة:
بداية العلاقة الأبويّة والبنويّة الصّحيحة بين الله والإنسان تبدأ باعتراف الإنسان بأنّه خاطئ، وباتّخاذه قراراً صريحاً جريئاً بأن يتوب إلى الله ويسأله رحمته وغفرانه. يوصينا الله في الإنجيل المقدّس قائلاً في سِفر أعمال الرّسل 3: 19 . دعوة الله جميع النّاس هي للتّوبة والرّجوع إليه تعالى حتّى يستحقّوا أن يكونوا من أبنائه بالإيمان بالمسيح. التّوبة هي الخطوة الهامّة التي تترافق مع الإيمان الحقيقي بالله لنوال رضاه ونعمة البنوّة.
* الإيمان بالسّيّد المسيح:
لكي يستحقّ الإنسان أن يُدعى "ابنا" لله يجب عليه أن يؤمن بالسّيّد المسيح ويقبله ربّاً ومَلِكاً ومخلِّصاً. مكتوب في إنجيل يوحنّا 1: 11 - 13 . نستخلص من هذه الآيات المقدّسة أنّه لكي يصبح الإنسان ابناً لله عليه أوّلاً أن يقبل الرّبّ يسوع في حياته، أي يُملّكه على حياته ويسلّمها له تسليماً كاملاً ويضع ثقته به ويعيش بحسب وصاياه المعلنة في الكتاب المقدّس. وعندما يقبل الإنسان الرّبّ يسوع تتغيّر حياته وتتجدّد، بمعنى يتحوّل مساره عن طريق الخطيّة والشرّ إلى طريق الخير والبرّ. كذلك قال بولس الرّسول في رسالة غلاطية 3: 25 - 26 . إذاً، كلّ من أراد أن يحصل على بنوّة الله فالطّريق أصبح واضحاً أمامه. قد تسأل يا صديقي كيف أتأكّد أنّه بإيماني بالسّيّد المسيح أصبح ابناً لله؟ لذا للإيمان بالرّبّ يسوع عدّة حقائق يجب أن تظهر في حياة المؤمن تؤكّد هذه البنوّة، فإنّ:
ابن الله ينقاد بالرّوح القدس:
كتب بولس الرّسول في رسالة رومية 8: 14 - 16 . هذه نتيجة أُخرى من نتائج الإيمان بالرّبّ يسوع، فالخضوع للرّوح القدس يحرّرنا من قبضة الخطيّة فننال روح البنوّة ونستحقّ أن ندعو الله "أبانا"، والرّوح القدس يشهد على هذه البنوّة المباركة التي ينالها الإنسان بالإيمان الحقيقي بالمسيح والمرتكز على كلمة الله أي الكتاب المقدّس.
ابن الله صانع السّلام:
قال الرّبّ يسوع في إنجيل متّى 5: 9 . بعد أن يقبل الإنسان الرّبّ يسوع في حياته ويستسلم لقيادة وإرشاد الرّوح القدس، لا بدّ أن يكون صانع سلام بين النّاس، فلا يُعادي ولا يُخاصم ولا يُقابِل السّوء بالسّوء، بل يجدّ ويسعى في سبيل الخير والبرّ ويعيش حياة التّقوى والقداسة مملوءاً بسلام المسيح في قلبه.
ابن الله يخضع لله ويطيعه:
بما أنّ المؤمن صار ابناً لله بالإيمان بالمسيح، فهذا يفرض عليه واجب طاعة الله والخضوع لمشيئته، فيعيش حياة القداسة. نقرأ في رسالة بطرس الأولى 1: 14 - 16 . لا يكون الإيمان سويّاً صحيحاً إن لم يكن مقترناً بطاعة الله. لا يمكن أن نسعى للقداسة إن أهملنا وصاياه المباركة المقدّسة المعلَنة في الإنجيل المقدّس، الذي يوصينا قائلاً في رسالة رومية 1: 5 .
إذاً، المؤمن بالرّبّ يسوع المسيح، أي الذي يقبل فداء الرّبّ يسوع من أجله على الصّليب، هذا المؤمن يصبح ابنا لله بهذا الإيمان وبقبوله هذه العطيّة من الرّبّ. وهذه هي البداية المجيدة لحياة جديدة مع الله، وفي علاقة شخصيّة وثيقة مع الله، وهي علاقة البنوّة الحميمة. وفي هذه العلاقة يتعامل الله مع المؤمن كآب حنون، محبّ، رحيم، ويتمتّع المؤمن بكلّ وعود الله لأبنائه.
صديقي القارىء، هل تريد أن تصبح ابناً لله؟ تُبْ وآمن بالسّيّد المسيح رباً ومخلِّصاً لحياتك فتتمتّع بهذا الامتياز العظيم على هذه الأرض وفي الحياة الأبديّة.
هل تعتبر نفسك مؤمناً بالمسيح وابناً لله وتريد دراسة الكتاب المقدّس بأكثر عمق؟ أدخل هنا