أسهل طريقة لرفض تعاليم كتاب، هي اتّهامه بالتّحريف والعمل على إقناع النّاس بهذا الأمر بوسائل شتّى. وهذا ما فعله قوم من النّاس تجاه الكتاب المقدّس كتاب الله الوحيد.
لقد سادت وسط الأحبّاء المسلمين فكرة التّحريف تِبعاً لما جاء في القرآن الذي اتّهم الكتاب (لم يذكر اسم الكتاب)
،بالتّحريف، دون أن يُبيّن أين وكيف ومتى ومن قام بهذا العمل التّحريفي لكتاب اعتبره القرآن مُنزَلاً على موسى وعيسى وإبراهيم، مُتخطّياً قدرة الله في الحفاظ على كتبه التي أعطاها لهؤلاء الأنبياء.
سلامة الكتاب المقدّس من التّحريف
سليمٌ معافى وبريءٌ هو الكتاب المقدّس من الإدّعاء الباطل والاتّهام السّخيف بالتّحريف ولا قيمة له في إيماننا المسيحي، ومع ذلك يهمّنا أن نُبيّن عدم مصداقيّة الاتّهام بالتّحريف لعدّة أسباب:
* لأنّه كلمة الله:
لا يحتاج الكتاب المقدّس كلمة الله لمن يدافع عنه، لأنّ الله هو حاميه وحافظه منذ آلاف السّنين حتّى يومنا هذا، وسيبقى كذلك إلى نهاية الأيّام. صحيح أنّ الكتاب المقدّس اشترك بتدوينه الكثير من رجال الله الأنبياء الأتقياء والرُّسُل الأمناء، لكن تدوينهم لم يكن إلاّ بناءً على وحي إلهي (تيموثاوس الثانية 3: 16و17 ) قادهم بعناية إلى توثيق وتدوين رسالة الله لبني البشر منذ بدء التّكوين حتّى الأيّام الأخيرة، إضافة إلى نبوءات بالمئات لها ارتباط بما يريد الله أن يحقّقه إنْ من جهة شعوب أو بلاد أو من جهة الإنسان وكيفيّة خلاصه. وبكلّ أسفاره بعَهدَيه القديم والجديد، يُظهر الكتاب المقدّس ترابطاً ومتانةً لا مثيل لها في أيّ كتاب آخر برغم المسافة الزّمنيّة الطّويلة التي تفصل بين تدوين مختلف تلك الأسفار إذ استمرت نحو 1600 عام. إذ بَقِيَ الكتاب المقدّس رسالة واحدة من الله الواحد أعلن لنا فيه مشيئته وقصده الإلهيَّين.
* هويّة المُحَرِّفين:
توجيه الاتّهام بالتّحريف إلى الكتاب المقدّس مع إبقاء هويّة المُحَرِّفين مجهولة، يدلّ ويؤكّد على عدم جديّة التّهمة وبطلانها. هل الله، المنسوب إليه القَول بتحريف الكتاب المقدّس، لم يكن قادراً على إعلان وتحديد هويّة وأسماء وجنسيّة وانتماء المُحَرِّفين؟ كلّنا يعلم أنّ الكتاب المقدّس في عهده القديم هو مشترك بين اليهود والمسيحيّين، فلو قام اليهود بتحريفه فلن يصمت ويسكت عنهم المسيحيّون، ولو قام المسيحيّون بتحريفه لما سكت عنهم اليهود بل لأقاموا الدّنيا عليهم. ولو قام اليهود بتحريف العهد الجديد لوجدنا المسيحيّين ينتفضون في وجههم دفاعاً عنه. لكن لا اليهود ولا المسيحيّين قاموا بالتّحريف المزعوم الغير موجود من أصله.
* زمان ومكان التّحريف:
أيضاً، تاهَ عن صاحب بدعة التّحريف أن يخبرنا متى وقعت أعمال التّحريف المزعوم. ومعلوم أنّ الكتاب المقدّس بعَهدَيه كان واسع الانتشار، منذ ما قبل مجيء المسيح (العهد القديم) وفي بدايات انتشار الإيمان المسيحي العهدَين القديم والجديد. لماذا لم يخبرنا صاحب الادّعاء أين ومتى حصل التّحريف؟ هل كان يمكن جمع نسخ الكتاب المقدّس من أماكن انتشاره ويُصار إلى اختيار مختصّين يهود ومسيحيّين ليتّفقوا على تحريف الكتاب المقدّس؟ أين المنطق في ذلك؟
* نصوص مُحَرَّفة وكتاب غير موجود
وما يستدعي العجب أيضاً، إغفال القائل بالتّحريف تحديد ولو نصّاً واحداً من العهدَين القديم والجديد يشير فيه إلى التّحريف، مقارنةً مع النّصّ الأصلي للكتاب المُحَرَّف الذي لم يخبرنا صاحب التّهمة عن مكان وجوده أو إن كان قد اطّلع عليه وقرأه.
* شهادة المخطوطات:
للكتاب المقدّس بعهدَيه القديم والجديد مخطوطات يرجع عدد منها إلى القرن الأوّل للمسيحيّة، وبعض منها يعود تاريخه إلى ما قبل تجسّد المسيح كمخطوطات قمران، فاقت بأعدادها مخطوطات أيّ كتاب على مرّ التّاريخ، إذ تبلغ عشرات الآلاف موزّعة على عدّة متاحف ومكتبات شهيرة في العالم، وجميعها متّفقة في المضمون والرّسالة والهدف. فهل يوجد أيّ مخطوطة للكتاب المقدّس الأصلي المتّهَم بأنّه محرَّف؟ أين هي؟ هل عجز الله عن حفظ ولو نسخة واحدة منه لتكون حجّة علينا؟
هذه بضعة نقاط أساسيّة تطرح نفسها لتُثبت عدم صحّة تحريف الكتاب المقدّس. ويبقى على من يدّعي ويتمسّك بالتّهمة، أن يُجيبنا عنها بأمانة وبضمير صالح، وفوق ذلك فهو مُطالَب بأن يخبرنا ماذا يعني التّحريف بالنّسبة إليه وعلى أساس ذلك نُجري موازنة ومقاربة ومطابقة.
إذا كنت مهتم ان تقرأ وتدرس الكتاب المقدس اضغط هنا لتحميله الآن مجانا
التّبشير بالمسيح وبالإنجيل أَم التّنصير؟ ولماذا؟
الكتاب المقدّس يتألّف من عهدَين، فهل العهد القديم يُعتَبر أساساً للعهد الجديد؟